IFI Op-ed #1: جائحة كورونا وتعزيز التكيُّف مع تغيُّر المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا2/3/2021
جمال الصغير | الأربعاء، ٣ شباط/ فبراير ٢٠٢١ رسمت جائحة كوفيد-١٩ بداية حقبة من الصدمات النُّظُمية المتعدِّدة والمتداخلة، فأثّرت على قدرة الدول على التكيُّف مع المخاطر المناخيّة المتصاعدة والاستجابة لها. وفي العام ٢٠٢٠ انخفض الاستثمار في التكيُّف مع تغيُّر المناخ على الرغم من تضرر أكثر من ٥٠ مليون شخص بسبب تكاثر عدد الفيضانات وموجات الجفاف وحرائق الغابات والعواصف. وقد أثّرت هذه الجائحة بشكل سلبي على التقدّم الذي تمّ تحقيقه في المرحلة الأخيرة في مواجهة تغيُّر المناخ، ما جعل البلدان والمجتمعات المحليّة أكثر عرضة للمخاطر في المستقبل. لذلك لا بد من تعويض هذا التراجع والوقت الضائع عبر الإسراع في اتُخاذ الإجراءات اللازمة للتكيُّف مع تغيُّر المناخ الذي لا ينحسر مع جائحة كوفيد-١٩ لقد ضاعفت الظواهر المناخيّة الشديدة التحديّات المُرتبطة بمواجهة الجائحة في العام ٢٠٢٠. إذ أصبح جلاء السكان من مسار الأعاصير والأعاصير المداريّة وحرائق الغابات أكثر خطورة بسبب انتشار العدوى ما يوجب تنسيق جهود الاستجابة العالميّة والمحلّية “تمثّل جائحة كوفيد-١٩، تهديدًا وفرصة، في الوقت نفسه، لبرنامج عمل التكيُّف مع المناخ وتعزيزه” كما خسر العالم، بسبب جائحة كوفيد-١٩، مليارات الدولارات بسب انخفاض النمو الاقتصادي وإنفاق الحكومات للتعافي من هذه الجائحة. إلّا أنّه يتوافر للعالم، اليوم، فرصة لا تعوّض لبناء مستقبل أكثر صلابة إزاء التقلّبات المناخية من خلال إدراج التكيُّف مع تغيُّر المناخ ضمن خطط الاستجابة والتعافي إذ تمثّل جائحة كوفيد-١٩، تهديدًا وفرصة، في الوقت نفسه، لبرنامج عمل التكيُّف مع المناخ وتعزيزه. حيث قد تؤدي الجائحة إلى خفض معدلات التمويل بسبب تركيز الحكومات ومؤسّسات التمويل على حالة الطوارئ الصحّية والاقتصادية الناتجة عنها بشكلٍ مُباشر. إلّا أن الاستثمار في التكيُّف مع تغيُّر المناخ يمكن أن يعزّز خطط التعافي بعد الجائحة بنسبة كبيرة لا تكمن الغاية من التكيُّف مع تغيُّر المناخ في مواجهة المخاطر المالية فحسب بل في حماية النُّظُم الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي هدّدتها الجائحة. لذلك، وفي عالم تتجاذبُه الأولويات، من المهم إدراج مواجهة تغيّر المناخ ضمن جهود الاستجابة والتعافي. حيث سيشكّل نجاح التكيُّف عاملًا أساسيًا في تحقيق المزيد من الاستدامة، والحفاظ على التنوّع البيولوجي، بالإضافة إلى تعزيز صحّة الإنسان، واستخدام موارد الأرض بشكلٍ أكثر إنصافًا ستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المستقبل، نُدرة حادة في المياه تؤثّر على جميع جوانب الحياة على صعيد آخر، ستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المستقبل، نُدرة حادة في المياه تؤثّر على جميع جوانب الحياة (الجدوى الزراعية والصناعية وتوافر مياه الاستهلاك البشري) إذ تعيش نسبة ٦٠ في المائة من السكان في مناطق ذات مستويات مرتفعة من الإجهاد المائي، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ ٣٥ في المائة. كما تعبر ثلثا موارد المياه العذبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حدودًا دولية بين بلدين أو أكثر، ما يجعل التعاون الإقليمي لإدارة المياه أساسيًا لضمان السلام والأمن في منطقة تعصِفُ بها العديد من الصراعات من المهم أن تشكّل المياه عنصرًا أساسيّا في أي نَهجٍ متكاملٍ لما لها من آثار على الأمن المناخي، وأمن المياه والطاقة والغذاء، وسُبُلِ العيش في المناطق الريفيّة، والتنمية الاقتصادية. ولا بد من وضع استراتيجيات تكيُّفٍ وخطط استثمار تضمن تحوّلًا نحو زيادة الإنتاجيّة الزراعيّة وزيادة كفاءة استخدام المياه في المُدن والمناطق الريفيّة لذلك يجب على المنطقة توفير المزيد من موارد التمويل المرتبطة بالمناخ، و تحسين قدرتها على حساب الاحتياجات في مجال التكيُّف، وتحسين البيانات المناخيّة وإتاحة الوصول إليها، وتحديد المشاريع المقبولة مصرفيًا لتعزيز مُشاركة القطاع الخاص في إجراءات التكيُّف. كما يجب توفير هياكل تمويل مُبتكرة مثل المبادرة المتعلقة بآليّة مقايضة الديون مقابل العمل المناخي/ أهداف التنمية المُستدامة التي أطلقتها اللّجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في العام ٢٠٢٠. والتي تهدف إلى الإسراع في العمل لتحقيق تنمية تضمن المنعة إزاء تغيُّر المناخ، ولا سيما تعزيز القدرة على التكيُّف وتوفير التمويل المناخي بشروط ميسّرة للوفاء بالتزامات خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ واتفاق باريس ينبغي أن يصبح التكيُّف مع تغيُّر المناخ عنصرًا رئيسيًا في خطط التعافي من كوفيد-١٩، وذلك من أجل الاستفادة القصوى من الاستثمارات العامّة والخاصّة وتوسيع نطاقها، وبناء المنعة إزاء الصدمات في المُستقبل كما ينبغي أن يصبح التكيُّف مع تغيُّر المناخ عنصرًا رئيسيًا في خطط التعافي من كوفيد-١٩، وذلك من أجل الاستفادة القصوى من الاستثمارات العامّة والخاصّة وتوسيع نطاقها، وبناء المنعة إزاء الصدمات في المُستقبل. وبالإضافة إلى فهم التكيُّف والتخطيط له وتمويله، يجب التحرك بسرعة لمواجهة الخسائر المرتبطة بالجائحة من خلال تنفيذ برامج تحويلية آنية
وتشمل الخطط لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الخطوات التالية مناقشة وتوافق الآراء بين الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال السياسات لاستئناف جهود التعافي من الجائحة ووضع التكيُّف والمنعة ضمن أولويّات الاستراتيجيّات ومحورها، سواء على مستوى الميزانية أو التنفيذ العملي على أرض الواقع قيادة سياسيّة جادّة وعالية التنسيق على المستويات العالميّة والإقليميّة والوطنيّة إلتزام من قِبل الشركات والمستثمرين من القطاع الخاص بشكلٍ متوازي وهامّ مع العمل على المستوى الحكومي لتحقيق التقدّم على النطاق المطلوب وفي الوقت اللازم إشراك جهات أو فئات فاعّلة في المجتمع مثل النساء والشباب لكسب “تأييد” المُجتمعات المحلّية وضمان نجاح تدخلات التكيُّف على المدى البعيد استخدام الأدوات الماليّة الجديدة لمساعدة البلدان والمناطق المعرَّضة للمخاطر على معالجة التحديات الاقتصاديّة التي تفرضها الجائحة وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة توثيق الروابط والاستفادة من البرامج المتعلّقة بالتكيُّف وبأهداف التنمية المُستدامة من خلال إعادة النظر بتجارب البلدان التي تعثّرت جهودها على مسار تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في إدراج التكيُّف في عمليتيّ تخطيط البنى الأساسيّة وتقديم الخدمات المتعلّقة بها مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والإسكان والنقل والحماية من الفيضانات الاستفادة من برامج التكيُّف والتنوّع البيولوجي من خلال إدراج حلول التكيّف المُرتبطة بالطبيعة ضمن الحلول المطروحة. وتهدف هذه البرامج إلى دعم أهداف اتفاقيّة الأمم المتحدة للتنوّع البيولوجي المتمثِل بحماية ٣٠ في المائة من الكوكب بحلول عام ٢٠٣٠ تحسين البيانات المناخية وإتاحة الوصول إليها. إذ يساهم الوصول إلى جميع مصادر البيانات الضخمة للمعلومات المتعلّقة بالمخاطر المناخيّة ومعالجتها وفهمها في تحسين إطار العمل في مجال التكيُّف وبناء المنعة على نطاق واسع، ويوفّر إمكانيّات جديدة لجميع الجهات المعنيّة بلورة نُهُجٌ مفتوحة تقوم على المُشاركة. لا يمكن للحكومات المركزية وحدها أن تضع حلول التكيُّف وتنفذّها. الجميع معنيٌ بالتكيُّف. وإذا لحظت إجراءات التكيُّف العدالة والإنصاف، يمكننا أن نساعد على الحيلولة دون وقوع ملايين آخرين من البشر في براثن الفقر يشكّل التكيُّف مع تغيُّر المناخ، والمنعة إزاءه، محدِّدين أساسيين للاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات المقبلة، ولضمان الخروج من هذه الأزمة، وضمان مستقبل الأجيال جمال الصغير، خبير في الاقتصاد، مدير سابق في البنك الدولي، زميل متميّز و باحث في معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، أستاذ في الأعمال التدريبية في معهد دراسة التنمية الدولية في جامعة ماكجيل في مونتريال، عضو في معهد بايني في جامعة كولورادو للمناجم. تنضمّ مقالة الرأي هذه إلى سلسلة مقالات أطلقها معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت للتأمّل في تأثير جائحة كوفيد-١٩ على مُختلف الأصعدة كالاقتصاد (العالمي والوطني) والعَولمة والتعدّدية والتعاون الدولي وأنظمة الصحّة العامّة والنظام التعليمي وأزمة اللّاجئين، بالاضافة إلى مسائل أخرى. Comments are closed.
|
Archives
July 2024
Categories |